هل تعلم أن 97% من المسوقين الناجحين يؤكدون أن كتابة المحتوى تلعب الدور الأهم في نجاح استراتيجياتهم؟ نعم، كتابة محتوى تسويقي فعّال أصبحت اليوم من الركائز الأساسية لأي حملة تسويقية ناجحة، سواء كانت لشركة كبيرة أو مشروع ناشئ.
ومع تطور العالم الرقمي وزيادة الطلب اليومي على هذا النوع من الكتابة، أصبحت كتابة المحتوى التسويقي مهنة بحد ذاتها، يتنافس عليها عشرات الآلاف من الكُتّاب، فعلى سبيل المثال، يضم موقع "فايفر" الشهير أكثر من 10 آلاف كاتب مستقل متخصص في هذا المجال، ما يعكس حجم الإقبال والتنافس على هذه المهارة.
في الماضي، كان جذب العملاء يتم بسهولة عبر الإعلانات المطبوعة في الجرائد والمجلات، لكن اليوم ومع انتشار المنصات الرقمية والإعلانات الممولة في كل مكان، من إنستجرام إلى يوتيوب، أصبح من الضروري أن تتميز كتابة المحتوى التسويقي بأسلوب احترافي قادر على جذب الانتباه وتحفيز الجمهور على التفاعل.
لماذا يجب أن يمتلك كاتب المحتوى التسويقي عدة مهارات؟
في عالم التسويق الحديث، لم تعد كتابة محتوى تسويقي مجرد تجميع كلمات بطريقة جذابة، بل أصبحت مهارة مركّبة تتطلب إتقان مجموعة من القدرات الأساسية، أولها المهارات اللغوية.
تشير الإحصائيات إلى أن 74% من مستخدمي المواقع يلاحظون الأخطاء الإملائية والنحوية، وهذا يعني أن خطأ بسيط قد يُفقد العميل المحتمل ثقته في علامتك التجارية.
لكن المهارات اللغوية ليست كل شيء، فهناك مهارات أخرى تميز كاتب المحتوى التسويقي المحترف عن غيره، مثل القدرة على الإقناع، وفهم الجمهور المستهدف، وتحليل السوق، والتفكير الإبداعي، وكل هذه المهارات تُمكّن الكاتب من إيصال الرسالة التسويقية بفعالية وجذب العملاء لاتخاذ خطوة فعلية.
وقبل أن نخوض في تفاصيل هذه المهارات، من المهم أن نوضح الفرق بين كاتب المحتوى العادي وكاتب المحتوى التسويقي. فـ كاتب المحتوى التسويقي لا يكتب بهدف التثقيف فقط، بل يكتب لجمهور محدد بهدف إقناعه باتخاذ إجراء مباشر، مثل الشراء أو التسجيل، لذلك يجب أن يكون المحتوى مركزًا، مختصرًا، وموجّهًا بدقة.
كتابة محتوى تسويقي ليست خداعًا
يُسيء الكثيرون فهم كتابة محتوى تسويقي، ويظنون أنها مجرد وسيلة للمبالغة أو حتى الكذب، وأن كاتب التسويق الناجح هو من يستطيع "تجميل الحقيقة" أكثر من غيره.
لكن الحقيقة بعيدة تمامًا عن هذا التصور، ولا أحد يُجبرك على كتابة ما لا تؤمن به، بل إن جوهر الكتابة التسويقية الناجحة ينبع من قناعة الكاتب بالعلامة التجارية، وفهمه العميق لأهدافها واحتياجات جمهورها.
عندما تكتب محتوى تسويقيًا بإخلاص، فأنت في الواقع تقدم خدمة حقيقية، وتربط بين منتج أو خدمة معينة وأشخاص بالفعل يبحثون عنها. في عصر التنافس الشديد، لا يكفي أن تمتلك منتجًا جيدًا، بل تحتاج إلى كتابة محتوى تسويقي ذكي يوصله إلى الجمهور المستهدف بطريقة فعالة.
كثير من الشركات الناشئة تُفلس ليس بسبب سوء منتجاتها، بل بسبب ضعف في التسويق، وسوء في إيصال الرسالة، ومن هنا، تظهر أهمية كاتب المحتوى التسويقي، فهو من يحدد نبرة الصوت التي تتحدث بها العلامة التجارية، ويصيغ الرسائل التي تلامس مشاعر الجمهور، وتبني معهم علاقة قائمة على الثقة والتفاعل.
بناء هذه الثقة لا يأتي فجأة، بل عبر محتوى منسق، متكامل، ومترابط، يعكس هوية العلامة التجارية بوضوح، ويوصلها للجمهور عبر قنوات متعددة، وهذا هو دور كاتب المحتوى التسويقي الحقيقي: أن يكون الجسر بين القيمة الحقيقية للمنتج واحتياجات العميل الفعلية.
توحيد النبرة في كتابة المحتوى التسويقي
من أهم مبادئ كتابة محتوى تسويقي فعّال هو الحفاظ على نبرة موحّدة في كل الرسائل التسويقية، هذه النبرة أو ما يُعرف بـ"Tone of Voice"، تخلق شعورًا بالانسجام والثبات، وتجعل العميل يشعر وكأنه يعرف هذه العلامة التجارية منذ زمن، مثل صديق قديم يثق به ويصدق كل جديد يقدمه.
عندما يشعر العميل أن المحتوى منسجم، غير متناقض، ولا متذبذب، يبدأ تدريجيًا في بناء علاقة ثقة مع العلامة، ولهذا السبب من الأخطاء الشائعة أن يتم تغيير كاتب المحتوى التسويقي بشكل متكرر دون الانتباه للفروق في الأسلوب، لأن كل كاتب يمتلك بصمته الخاصة التي قد تؤثر على اتساق الرسالة التسويقية.
وثبات هذه النبرة لا يؤثر فقط على الانطباع العام، بل يرتبط بشكل مباشر بالربح، نعم كتابة محتوى تسويقي مدروس تُسهم بشكل فعلي في زيادة الأرباح، ولكن هذا لا يتم إلا عندما تصل الرسالة إلى الجمهور الصحيح، بطريقة صحيحة، وفي الوقت المناسب.
التسويق لا يقتصر فقط على البيع، بل هو عملية بناء علاقات طويلة الأمد، والحفاظ على العملاء الحاليين، بالتوازي مع جذب عملاء جدد، ومن هنا تأتي أهمية كتابة المحتوى كأداة تحرك السوق وتغذي الاقتصاد، لأنها تساعد المستهلكين في اتخاذ قرارات مبنية على فهم ووعي.
في الفقرة القادمة، سنتعرف على مهام كاتب المحتوى التسويقي بالتفصيل، ونوضح كيف يمكنه من خلال أدواته أن يحقق أهداف الحملة التسويقية بكفاءة واحتراف.
مهام كاتب المحتوى التسويقي
الآن سنشرح المهام التي ستُوكل إليك بصفتك كاتب محتوى تسويقي من خلال الإجابة عن ثلاثة أسئلة رئيسية:
السؤال الأول: ما الذي يُطلب منك كتابته؟
تخيّل شخصاً قام بفتح متجر، سواء كان متجرًا فعليًا على أرض الواقع أو متجرًا رقميًا عبر الإنترنت، وبدأ بعرض منتجاته دون أن يضع سوى اسم المنتج، وسعره، وبعض المواصفات العامة، دون أي اهتمام بصور جذّابة أو الرد على استفسارات العملاء أو حتى توضيح ما يميّز منتجه.
هل تتوقّع أن يُقبل الناس على الشراء؟ بالطبع لا.
أي منتج، مهما كان بسيطًا، يحتاج إلى من يشرح مميزاته بطريقة مقنعة، ويبيّن للناس لماذا هو خيار مناسب لهم، وهنا يأتي دور كاتب المحتوى التسويقي. فالمطلوب منك أن تفكّر بعقلية العميل المثالي، وتفهم احتياجاته، وتكتب محتوى موجّهًا خصيصًا له.
مهمتك أن تُقنع الجمهور المستهدف بالمنتج أو الخدمة، وتدفعه لاتخاذ خطوة واضحة، مثل الشراء أو التسجيل أو النقر على رابط، وهذا النوع من المحتوى قد يظهر في عدة أشكال، منها:
- نصوص الإعلانات.
- وصف المنتجات.
- منشورات وسائل التواصل الاجتماعي.
- رسائل البريد الإلكتروني.
- نصوص الفيديوهات التسويقية.
كل هذه الأشكال تتطلّب مهارة في الصياغة ووضوحًا في الرسالة، والهدف واحد: التأثير في القارئ ودفعه للتفاعل.
السؤال الثاني: أين تكتب هذا المحتوى؟
المحتوى التسويقي لا يُكتب بشكل عشوائي، بل يُنشر عبر قنوات مختلفة حسب استراتيجية كل علامة تجارية. قديمًا، كانت الإعلانات تُنشر على اللافتات في الشوارع، أو تُعرض عبر المجلات والتلفاز.
لكن اليوم، ومع تطور الإنترنت والتكنولوجيا، اتسعت الرقعة وتنوّعت القنوات بشكل كبير، ونستطيع أن نلخص أبرز قنوات نشر المحتوى التسويقي في:
- منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام، تويتر، يوتيوب، فيسبوك، تيك توك وغيرها.
- المدونات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالشركات أو المشاريع.
- البريد الإلكتروني والذي لا يزال حتى اليوم أداة فعالة للوصول المباشر للعملاء.
السؤال الثالث والأهم: ما هي أدواتك؟
ركز معي هنا، لأن هذه الأدوات تُعتبر الجزء العملي، وهي التي ستُميّزك كمحترف في هذا المجال، وأكيد لا نقصد بالأدوات هنا هاتفك أو دفترك، بل أدوات الصنعة ذاتها، وهي:
أولاً: سلامة اللغة: لابد أن تكون كتابتك خالية من الأخطاء الإملائية والنحوية، لأن اللغة القوية تعكس قوة العلامة التجارية.
ثانيًا: الأسلوب الترويجي في الخطاب: تعلّم الكلمات القوية التي تُؤثّر في الجمهور مثل: "سهل"، "سريع"، "قوي"، "صحي"، "مضمون"... كلمات تفتح الباب لرغبة الشراء.
ثالثًا: هيكلة النص التسويقي: لا تكتب بشكل عشوائي، بل احرص على ترتيب النص، وانهِ دائمًا بنداء واضح لاتخاذ إجراء، أو ما يُعرف بـ Call To Action (CTA) مثل:
- "اشترك الآن"
- "اطلب المنتج قبل نفاد الكمية"
- "سجّل مجانًا"
رابعًا: فهم استراتيجية التسويق
يجب أن يكون عندك وعي بالخطة التسويقية العامة، مواعيد النشر، الأهداف المرجوّة، وطبيعة الجمهور المستهدف. بدون هذا الفهم، ستكتب بدون بوصلة واضحة.
ما الذي يجعل منك كاتب محتوى تسويقي محترفًا بالفعل؟
نصل الآن إلى النقطة الرابعة من أدوات الكاتب التسويقي، وهي: الإلمام بالكلمات المفتاحية أو ما يُعرف بـ Keywords، فالتسويق عبر الإنترنت لم يعد يعتمد فقط على جودة المحتوى، بل أصبح مرتبطًا بمدى انتشاره ووصوله إلى الجمهور المناسب في الوقت المناسب.
الكلمات المفتاحية هي تلك العبارات التي يبحث عنها المستخدمون في محركات البحث مثل "جوجل"، فهمك لهذه الكلمات يُمكنك من إيصال رسالتك التسويقية إلى شريحة أوسع من الجمهور، ولذلك من المهم استخدام أدوات تحليل الكلمات المفتاحية، والاطلاع على الإحصائيات والبيانات التي تساعدك على تقييم نجاح الحملة أو إخفاقها.
إضافة إلى ذلك، ينبغي أن تتقن استخدام أدوات التنظيم والجدولة، مثل Google Sheets، لتتمكن من ترتيب أفكارك ومتابعة سير خططك التسويقية بكفاءة.
لكن السؤال الأهم:
هل المعرفة بهذه الأدوات والقنوات التسويقية كفيلة بجعلك كاتب محتوى تسويقي ناجح؟
الإجابة: لا، فالمعرفة وحدها لا تكفي لجذب العملاء أو ضمان استمرارهم، وما يميز الكاتب الناجح حقًا هو إبداعه وإخلاصه في عمله، فهما المفتاحان اللذان يجعلان العملاء يعودون إليه ويمنحونه تقييمات عالية، ومن خلال تجربتي الشخصية، أنصحك بأن تتجاوز المستوى العادي، وتستثمر في تطوير نفسك بشكل مستمر.
كيف يكون ذلك؟
- عوّد نفسك على جلسات عصف ذهني منتظمة، تخرج فيها بأفكار جديدة ومبتكرة.
- احرص على حمل دفتر صغير وقلم دائمًا معك، حتى وإن كنت تعتمد على الهاتف الذكي، فالقلم لا يُستغنى عنه.
- عن نفسي، أحتفظ بقلمين، أحدهما كبير أستخدمه في المكتب، والآخر صغير أحمله في الحقيبة.
- الكتابة بالقلم تمنح الأفكار صدقًا لا يُضاهى، وكأنها تنبض بالحياة لحظة تدوينها.
لا تتخلَّ عن فضولك، واستثمر فضولك بالسؤال عن آخر الأخبار، والاطلاع على التحديثات في خوارزميات المنصات، وادرس الإعلانات الناجحة: لماذا نجحت؟ وكيف كُتبت؟ وما الذي جعلها مؤثرة؟
ثالثًا: تحدَّث مع عملائك من منطلق خبرتك، حينما يشعر العميل بأنك تفهمه وتشرح له الأمور بثقة، يرتاح إليك ويثق في توجيهاتك.
رابعًا: انتبه للتفاصيل، اهتم بجمالية اللغة ودقة الإملاء، واحرص على نقاء الفكرة، وفهمك للسياق الثقافي، فهذه التفاصيل هي التي ترفع من قيمتك في أعين عملائك، وتجعل اسمك يتألّق في عالم الكتابة التسويقية.
أنشئ ملفًّا تعريفيًا يعكس قدراتك
لتصبح كاتب محتوى تسويقي محترف يجب أن تُعدّ ملفًّا تعريفيًا لأعمالك، أو ما يُعرف بـ "البورتفوليو"، وابدأ بالاهتمام بجودة المحتوى الذي تعرضه، ثم بجمال تقديمه وتنظيمه.
كن واثقًا بمؤهلاتك، وبخبراتك، ومهاراتك، وتجاربك، وحتى بمغامراتك وجرأتك في خوض التحديات، ومن الأفضل، وحين تكتسب الخبرة الكافية، أن تُخصّص في ملفّك مساحة لعرض شهادات العملاء السابقين، والتوصيات التي حصلت عليها، فهي تعطي ثقة مضاعفة لأي عميل جديد.
لكن، لا تنسَ أن هذا المجال يتطلب منك الكثير من الصبر، والكثير من المرونة، قد يبدو الأمر سهلًا حين يُقال، ولكن التنفيذ يتطلب عزيمة، ونعم تعلّم كتابة المحتوى أمر ممكن، لكن الصبر، هو المحك الحقيقي.
اجمع بين العلم والفن في الكتابة
كتابة المحتوى التسويقي ليست مجرد مهارة، بل هي صنعة، وعلم، وفي الوقت نفسه فنّ، ولذلك، لا تتفاجأ حين تجد أن كل ما تحدثنا عنه يحتاج إلى حسّ إبداعي، وشعور حيّ بالكلمة، وبموقعها، وبأثرها.
عامل كل عميل وكأنه العميل الوحيد في حياتك.
اكتب له وكأنك تكتب لنفسك، وصُغ محتواه وكأن جمهوره هو جمهورك، ومشروعه هو مشروعك أنت، صدقني، هذا الإخلاص لا يخفى على الناس، وحين يشعرون به سيتمسكون بك، وسيستمرون في العمل معك.
في النهاية، ابدأ الآن في العمل على تطوير مهاراتك، لا تنتظر الفرصة، بل اصنعها بنفسك، وأنصحك بأن تبدأ بتدريب نفسك بشكل مستمر، وكتابة عينات من الدعايات الناجحة لتتمكن من تحسين أسلوبك واكتساب المزيد من الخبرة.
جهز البورتفوليو الخاص بك، سواء كنت ترغب في تقديمه للحصول على وظيفة، أو كنت تود العمل من خلال منصات العمل الحر المنتشرة.
إذا كنت ترغب في التعمق أكثر في مجال التسويق الإلكتروني، لدينا قسم كامل في موقع الربح بالعربي يتناول جميع جوانب هذا المجال، وسيكون له دور كبير في مساعدتك على تحسين مهاراتك وإثراء معرفتك.